العيرج ابراهيم :
ابن شهيد في عطالته 18
لا ننكر أن لكل حرب مهما كانت أسبابها و مسبباتها تداعيات و تأثيرات لا يمكن تلافيها ، حيث تعرف سقوط شهداء في ميادين القتال ووقوع أسرى لدى الأطراف المتحاربة وآخرون يبقى مصيرهم مجهولا.
فحينما قررنا باعتبارنا أحد أبناء الشهداء من ضحايا حرب الصحراء ، الكتابة في هذا الموضوع المتعلق بالإفراج عن الأسير الصهيوني جلعاد شاليط على إثر صفقة مبادلته بأزيد من ألف أسيرفلسطيني ،لم يكن قصدنا أبدا تبخيس قيمة الإنسان الفلسطيني صاحب الحقوق التاريخية و الشرعية على الأرض ،كما أنه ليس تعظيما من شأن الكيان الصهيوني المصطنع هذا الورم السرطاني الخبيث الذي أصبح في حاجة لاستئصاله .
بما أن ما يعنينا هنا هو صفقة مبادلة شاليط الذي أسر سنة 2006 لما لها من علاقة بقضية الأسرى المغاربة السابقين-2400أسير- قرابة ربع قرن لدى جبهة البوليساريو و راعيتها الجزائر ،فإننا لن نخوض في حيثياتها وملابساتها و حسابات طرفيها باستحضار ما تعيشه منطقة الربيع العربي من تطورات ستكون لها تداعياتها المستقبلية.
فبمقارنة بسيطة بين ما يوليه الكيان الصهيوني المصطنع- الذي لم تمض على زرعه بالمنطقة إلا سنوات قليلة-، من قيمة لجنوده من الأسرى،تجلى في ما لقيه أسيرها المحرر بعد مفاوضات طويلة من استقبال و حفاوة كبيرين من طرف نتياهو و شخصيات وازنة ،و بين دولة تأسست منذ قرون كانت من أوائل المعترفين بالولايات المتحدة الأمريكية، و كيف تنكرت وتخلت عن جنودها الذين -حملوا السلاح من أجلها- والذين مرت عودتهم في حياء و خجل تامين -ما عدا ما كان من استقبال أسرهم و ذويهم- ،هؤولاء الذين وقعوا في الأسر خلال حرب الصحراء ، حيث ذاقوا بخيمات تندوف كل أنواع التعذيب الجسدي و النفسي ، بل تم رفض استقبالهم كما وقع سنتي 1989و 1997 حين الإفراج عنهم بوساطة جهات خارجية ،بما شكله ذلك من صدمة نفسية زادت في تعميق جراحهم، في الوقت الذي كانوا في أمس الحاجة لتدخلاتها عبر ديبلوماسيتها الفاشلة من خلال تحريك المنتظم الدولي لتخليصهم من الأسر،و بالتالي من العذاب على أيدي القتلة و الدباحين من عصاية البوليساريو في خرق سافر لكل الأعراف و القوانين الدولية و الشرائع السماوية ،هوؤلاء المجرمين الذين اختاروا عن طواعية حمل السلاح ضد إخوانهم ووطنهم الأم الذي عادوا إليه معززين مكرمينل يستقبلوا استقبال الأبطال و هم يرفلون حاليا و أمثالهم من الخونة وأغنياء الحرب في النعيم .
فمن خلال هذا كله، و في الوقت الذي لازال فيه الأسرى المفرج عنهم –الذين تم اعتبارهم مجرد مفقودين في مكان مجهول- شأن أسر إخوانهم من الشهداء و المفقودين يتسولون حقوقهم و المطالبة بمستحقاتهم. يتضح جليا مدى عدم إيلاء الإنسان عامة و الجنود خاصة في هذا البلد ما يستحقون من كرامة و اعتبار.
فإذا كانت اسرائيل ككيان مصطنع قدمت البرهان و الدليل على قيمة جنودها و قيمة المواطن الذي يخوض حربا من أجل تتبيث أقدامها في المنطقة التي وطنت بها بشكل يزيد من رفع روح ومعنويات المجندين لديها.
فهل باستطاعة الدولة المغربية عبر ديبلوماسيتها للتعويض عن أخطائها المرتكبة في تدبير ملف الصحراء عامة و في حق الأسرى و أسر الشهداء خاصة على الأقل وإظهار قيمة المواطن المغربي في بلده، ان تفتح الملف الانساني المتعلق بالكشف عن مجهولي المصير من مفقودي حرب الصحراء ،و المطالبة برفات الجنود المغاربة الذين تم قتلهم بتندوف ودفنوا في مزبلة أطلق عليها الأسرى المفرج عنهم مقبرة الشهداء على أيدي ثلة من المتسللين في عباءة العائدين ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق